الجامعات واكتساب المهارة المعلوماتية في القرن العشرين(بحث)

الجامعات واكتساب المهارة المعلوماتية في القرن المقبل/ أ.د. أحمد بدر
مستخلص

تتحدث المقالة عن الدور الجديد للجامعات في العالم المعاصر، فلم تعد مهمتها قاصرة على تركيب اجتماعي ثابت، بل لابد أن تقوم حالياً بقيادة التغير الاجتماعي بمعناه الشامل ثم تتناول المقالة دور المعلومات في التعليم العالي والبحث العلمي والعناصر التي يعتمد عليها وفي ضوء ذلك تعطي المقالة تصوراً عن الواقع في مصر• أولاً: الدور الجديد للجامعات في العالم المعاصرلقد قامت الجامعات من بدء إنشائها بمسؤولية نقل المعرفة من جيل إلى الجيل الذي يليه، فضلاً عن قيام الجامعات بزيادة المعرفة عن طريق البحث العلمي••ولكن الجامعات من الستينيات من هذا القرن قد قامت بمراجعة هذا الدور التقليدي على ضوء ضغوط عديدة تأتيها من الأعداد المتزايدة من الطلاب في ضوء القبول في التعليم العالي، فضلاً عن الضغوط التي تأتي من سوق العمل ومن الحكومات والهيئات الممولة•• ولم يعد نقل المعرفة المجردة هو الهدف الأساسي للجامعات، بل أصبح الدور الفعلي للجامعات دوراً هاماً وذلك بالنسبة لربط مصادر تمويلها بمخرجاتها•• وأن تقوم الجامعات بإدارة مصادر تمويلها بكفاءة•• ومعنى ذك أن البرامج التي لا تجذب عدداً كافياً من الطلاب يجب إلغاؤها ولا ينبغي التقليل من المصروفات الإدارية إلى أقصى حد ممكن•• فضلاً عن ضرورة جعل خدمات المعلومات أكثر فاعلية قدر الإمكان•• هذا إلى جانب ضرورة اختيار أفضل العناصر الطلابية المقبولة بالجامعة•• وفي عالم يموج بالتنافس الدولي على أعلى المستويات، فإن مقدرة الدولة على الحفاظ على أنشطتها الاقتصادية الحيوية وتنميتها وبالتالي تجنب البطالة يعد من الأولويات•• كما ينبغي أن ترتبط البرامج التعليمية البحثية بالبيئة وأن يدخل القطاع الخاص مع القطاع الحكومي في تمويل التعليم والبحث لخدمة أغراض التنمية الشاملة•• أي أن أنشطة الجامعات قد أصبحت شيئاً فشيئاً أكثر ارتباطاً بالتنمية المحلية وأن تخلق بذلك طلباً جديداً على برامجها التي تخدم التنمية الوطنية••هذا ولم تعد مهمة الجامعات قاصرةً على الحفاظ على تركيب اجتماعي ثابت Fixed Social Structure ، بل لا بد من أن تقوم الجامعات في الوقت الحاضر بقيادة التغير الاجتماعي بمعناه الشامل أي باحتوائه على التغيير السياسي والاقتصادي والسلوكي في المجتمع••وإذا كان التعليم العالي في مراحله الأولى متاحاً للطبقات العليا من المجتمع في نظام اجتماعي مقفلٍ يسميه عالم الاجتماع الفرنسي بوردو P. Bourdieu توريث الصفوة أو نسخ الصفوة La reproduction des elites فقد أصبح التعليم العالي ومع تحدي الديمقراطية متاحاً لعامة الشعب وليس حكراً على الذين يملكون المصادر المالية أو القواعد السياسية•• وكان لهذا الوضع الجديد عواقبه المتصلة بتسيير الجامعات كالتمويل وإعداد الطلاب وأعضاء هيئة التدريس وطريقة التدريس وغيرها••وخلاصة هذا كله أن الجامعات اليوم أصبحت في خدمة المجتمع من ثلاثة جوانب على الأقل:(أ) إتاحة التعليم العالي لكل أولئك الذين لديهم المقدرة على هذا التعليم، الهدف الديمقراطي•(ب) تكامل أفضل في البيئة الجغرافية والاقتصادية والاجتماعية: الهدف النفعي التنموي•(ج) استخدام أفضل المصادر المتاحة: الهدف العلمي البراجماتي•ثانياً: المعلومات ودورها في التعليم العالي والبحث العلميإذا كانت هناك قوىً خارجية تمارس ضغوطها على الجامعات، فهناك تحولات داخلية بالجامعات أيضاً، ومن بين هذه التحولات الدور الجديد للمعلومات في العديد من الأنشطة الجامعية خصوصاً بالنسبة للتعليم والبحث العلمي ولعل هذا الدور الجديد يتوضح في العناصر الثلاثة الآتية:(أ) لا يمكن أن نحصر التعليم العالي في مجرد نقل المعلومات من جيلٍ إلى جيلٍ على الرغم من أهمية هذا الدور، إلا أن الوظيفة الرئيسة للنظام التعليمي تعد أكثر اتساعاً وعمقاً، ذلك لأن خدمات المعلومات الجامعية لا ينبغي أن تكون نظاماً قائماً بذاته معزولاً عن مختلف مناشط الجامعة، بل يجب أن تصمم هذه الخدمات طبقاً للاحتياجات الفعلية لمجتمع الجامعة، وأن يتم دمج المصادر المعلوماتية مع المناهج التعليمية لخدمة البيئة والمجتمع المحلي••(ب) أصبح من العسير تخصيص وقتٍ كافٍ ضمن المناهج الدراسية لتدريب الطلاب على الاستخدام الأفضل لخدمات المعلومات المتاحة بالجامعة•• ولكن هذا التدريب واكتساب المهارات المعلوماتية أصبح أمراً حاسماً لا بالنسبة لاستيعاب الطلاب للمواد الدراسية فحسب بل لإعدادهم للتعليم الذاتي بالجامعة وما بعدها•• وبالتالي أصبح لا بد من التكامل بين أنشطة أعضاء هيئة التدريس واختصاصي المعلومات في تصميم التدريبات العلمية المشتركة لتحقيق هذا الهدف•(ج) ستنعكس الاحتياجات المتنوعة للجامعة في تطوير خدمات المعلومات، أي أنه لا بد من تحديد الأولويات بين التعليم والبحث وبين الطلاب وأعضاء هيئة التدريس وبين التعليم الأساسي والتعليم المستمر وهكذا•• فضلاً عن صعوبة الملاءمة بين الحاجة إلى تطوير الدراسات ذات الارتباطات الموضوعية interdisciplinary والتخصص الدقيق الذي له عواقبه واتصاله بسياسات التزويد والاختيار لمصادر المعلومات فضلاً عن الخدمات المعلوماتية المركزية واللامركزية•ثالثاً: ماذا عن مصر؟في ختام هذا العرض السابق أرجو أن يشهد المستقبل تطورين أولهما أن تعيد أقسام وكليات المعلومات والمكتبات والحاسبات والإدارة في مصر، دراسة هياكلها الحالية والاندماج ضمن هياكل جديدةٍ تكون أكثر تعاوناً داخلياً وتأثيراً في إعداد اختصاص المعلومات لصالح سوق العمل المستقبلية وثانيهما ألا يكون تركيز الدولة في قطاع التعليم (الجامعي وما قبله) على الحصول على الأجهزة والحاسبات وكيفية استعمالها فقط، بل أن يكون التركيز على كيفية الإفادة من المحتوى الموضوعي والعلمي، عند تواصل هذه الحاسبات مع شبكات الإنترنيت وغيرها، ذلك لأن معظم الإنتاج الفكري العالمي منشورٌ باللغة الإنجليزية وبلغة المتخصصين في المجالات العلمية المختلفة، وهذا الأمر يحتاج منا إلى وقفةٍ ـ بل هزةٍ ـ للنظام التعليمي المصري بأكمله•